
في 2021، صوت مجلس النواب على الغاء تفويض الحرب على العراق الذي منح للرئيس بوش عام 2022، وكان بدفع من عضو مجلس النواب الأمريكي السيناتور تيم كين، وفي 2023 صوت مجلس الشيوخ هذه المرة لالغاء تفويض 2002 و1991 أيضا بمشروع واحد، لكن ما حدث اليوم، هو ان مجلس النواب صوت على الغاء التفويضين بقانون مستقل.
الأهمية الأكبر لما حدث هو ان الغاء التفويض سيمنع الرؤساء الأمريكيين من شن ضربات عسكرية سواء في العراق او أي مكان اخر، او اغتيال شخصيات، فترامب استخدم هذا التفويض بتنفيذ ضربة المطار التي اغتالت قائد فيلق القدس قاسم سليماني ورئيس هيئة الأركان في الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس عام 2020، لذلك بعد هذا القانون من المفترض ان ترامب وغيره من الرؤساء لن يتمكنوا من تنفيذ ضربات مماثلة ابدًا الا بالرجوع الى الكونغرس، ومن اللافت ان الغاء التفويض مر بتصويت الأغلبية حوالي اكثر من 260 صوتا مؤيدا مقابل اكثر من 165 صوتا معارضا، بينما المؤيدون سيطر عليهم نواب ديمقراطيون الذي ينتمي اليهم “عراب الغاء التفويض” بواقع 212 نائبا ديمقراطيا، مع 49 نائبا جمهوريا فقط.
وحول أسباب هذا التشريع، نعود الى مقال نشره السيناتور “عراب الغاء التفويض”، حيث نشره عام 2023 بعد ان صوت مجلس الشيوخ على الغاء التفويضين، وذكر السيناتور تيم كين في مقاله 4 أسباب دفعته للذهاب الى هذا التصويت، حيث قال حينها انه بعد عشرين عامًا على التفويض لا يزال تفويض الكونغرس ساريًا، وقد استخدمه أربعة رؤساءٍ لشنّ حربٍ او ضربات دون موافقةٍ أخرى من الكونغرس، وهم بوش واوباما وبايدن وترامب.
ووصف حينها انه “نحن على وشك القيام بشيء لم يفعله مجلس الشيوخ منذ عام ١٩٧١، التصويت على إلغاء تفويض الحرب، آخر مرة فعلها مجلس الشيوخ كانت عام ١٩٧١، لإلغاء قرار خليج تونكين”.
وأشار الى انه شارك في انتخابات عام ٢٠١٢، والانضمام الى لجنة القوات المسلحة والعلاقات الخارجية فقط لالغاء هذا التفويض.
وبين ان الغاء هذين التفويضين بعد 20 عاما بالغ الأهمية لـ4 أسباب، الأول هو علينا ان نقر ان العراق ليس عدوا بل شريك استراتيجي، حيث لدينا تفويضان لشن حرب ضد دولة نتعاون معها، ولدينا حوالي 2500 جندي في العراق بدعوة من العراق نفسه ورئيس الوزراء السوداني يريدنا ان نعمل معا، لذلك اصبح العراق ليس قوة للفوضى بل قوة للاستقرار الإقليمي وهو يتحسن اكثر فاكثر، لذلك لاينبغي ان يكون لدينا تفويض حرب في دولة هي شريكة استراتيجية لنا.
الامر الاخر ان ايران استخدمت هذا التفويض كذريعة تواجه به العراق، لتصف ان أمريكا ليس صديقا للعراق لانها لديها تفويض حرب، لذلك قال رئيس الوزراء العراقي ووزير الخارجية العراقي والسفير العراقي لدى الولايات المتحدة جميعًا إن إلغاء هذه التفويضات القديمة سيكون رسالة إيجابية حول الشراكة الأمريكية العراقية، هذا هو السبب الأول. دعونا ندرك حقيقة أن العراق لم يعد عدوًا بل أصبح الآن شريكًا، يقول السيناتور كين.
اما السبب الثاني بحسب السيناتور، فهو ان ابنه الأكبر كان قائدا في مشاة البحرية لمدة 8 سنوات ونطالب منهم القيام بواجبات صعبة والمخاطرة بحياتهم وتحمل أعباء الحرب، فعلينا أن نتحمل مسؤوليتنا في عدم السماح بشن حروب دون تصويت الكونغرس، وضرورة ممارسة الرقابة أثناء الحروب، وطرح أسئلة صعبة، والإعلان عن انتهاء الحروب، هذه مسؤولية الكونغرس.
السبب الثالث، هو انه يجب إلغاء التراخيص، لأن أي تفويض يبقى ساريًا بعد اكتمال غرضه يُمثل فرصةً للعبث، نريد من الرؤساء أن يأتوا إلى الكونغرس ويطلبوا الإذن بإعلان الحرب، إذا كانت هناك تراخيص سارية في الدستور صدرت لغرض آخر ولم تُلغَ، فستجد الرؤساء يُبدعون في استخدام أساليبهم، بدلًا من اللجوء إلى الكونغرس.
اما السبب الرابع والأخير، هو إمكانية ان تحول أمريكا اعدائها الى أصدقاء، لدينا خصومٌ اليوم في العالم، وهم يراقبون ما نفعله، وليس من السيء أن يروننا نلغي تفويضًا ونقول: “العراق، كنت عدوًا، لكن الآن العراق والولايات المتحدة شريكان استراتيجيان، لا يوجد عدو دائم للولايات المتحدة”. من كرم الضمير أن نبحث عن طريقةٍ لتحويل علاقةٍ عدائيةٍ إلى علاقةٍ جيدة.