
المدى/خاص
دعا النائب علي اللامي، اليوم الأحد، إلى اعتماد استراتيجية التوازن في العمالة داخل الحقول النفطية العراقية، مشدداً على أن هذه الخطوة يمكن أن توفّر عشرات الآلاف من فرص العمل للكفاءات والخريجين العاطلين عن العمل، في وقت تشهد فيه البلاد معدلات بطالة مرتفعة.
وقال اللامي في حديث تابعته (المدى)، إن “الحقول النفطية العراقية، لاسيما الكبرى منها، تضم حالياً عشرات الآلاف من العمال من جنسيات أجنبية جلبتهم الشركات المطورة، فيما يتقاضى هؤلاء رواتب كبيرة مقارنة بنظرائهم من العراقيين أبناء البلد”.
وأضاف، أن “اعتماد استراتيجية التوازن في العمالة داخل الحقول النفطية ومنح نسبة ثابتة للعراقيين في حقول الإنتاج والتوزيع وباقي الأقسام، من شأنه أن يخلق عشرات الآلاف من فرص العمل للخريجين وأصحاب الاختصاص”.
وأشار اللامي إلى أن “إشراك أبناء العراق بشكل أكبر في إدارة عمليات التطوير النفطي بالتنسيق مع الشركات سيؤدي إلى الارتقاء بالوضع الاقتصادي، فضلاً عن معالجة جزء كبير من أزمة البطالة”، مؤكداً أن “أعداداً كبيرة من العمال الأجانب يعملون في الحقول النفطية ولاسيما في المحافظات الجنوبية والفرات الأوسط، فيما تبقى نسبة العمالة العراقية محدودة جداً”.
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي عبدالرحمن الرواي، خلال حديث لـ(المدى)، أن “تطبيق استراتيجية التوازن في العمالة داخل قطاع النفط سيترك أثراً مباشراً على سوق العمل العراقي، خصوصاً أن البطالة بين الشباب والخريجين تجاوزت 25% بحسب تقديرات رسمية”.
ويضيف الراوي، أن “القطاع النفطي يعد العمود الفقري للاقتصاد العراقي، ومن غير المنطقي أن تبقى الحصة الأكبر من الوظائف فيه بيد الأجانب، بينما يعاني آلاف الخريجين من العاطلين عن العمل”، مبيناً أن “زيادة نسبة التشغيل للعراقيين ستؤدي إلى تقليص البطالة وتحويل جزء من الرواتب الضخمة المدفوعة حالياً للعمالة الأجنبية إلى دخل محلي ينعكس على الدورة الاقتصادية الوطنية”.
وأكد أن “الجانب الآخر المهم يتمثل في بناء الخبرات الوطنية، إذ إن الاعتماد الكلي على العمالة الأجنبية يحرم العراقيين من نقل المهارات والتجارب، فيما سيتيح التوازن فرصة حقيقية لتأهيل كوادر محلية قادرة على إدارة القطاع مستقبلاً”.
ويعاني العراق منذ سنوات من معدلات بطالة مرتفعة، خصوصاً بين الشباب وخريجي الجامعات. وتشير بيانات وزارة التخطيط إلى أن نسبة البطالة في البلاد تراوحت خلال السنوات الأخيرة بين 14% و16%، فيما تذهب تقديرات غير رسمية إلى نسب أعلى قد تصل إلى أكثر من 25% في بعض المحافظات.
كما شهدت المدن العراقية، لاسيما في الجنوب، موجات احتجاجات واسعة في الأعوام الأخيرة، كان أحد أبرز مطالبها توفير فرص العمل وتقليص الاعتماد على الأجانب في القطاعات الحيوية، وعلى رأسها قطاع النفط الذي يمثل أكثر من 90% من إيرادات الدولة.
وتفرض العقود المبرمة مع شركات التطوير الأجنبية شروطاً تتعلق بالعمالة، لكن مراقبين يؤكدون أن نسب تشغيل العراقيين لا تزال منخفضة مقارنة بحجم المشاريع النفطية.
ويرى متابعون أن تطبيق مبدأ “التوازن في العمالة” قد يشكل خطوة عملية لمعالجة جانب من أزمة البطالة، لكنه يتطلب في المقابل خططاً حكومية واضحة لتأهيل الخريجين وتزويدهم بالمهارات التقنية التي تتوافق مع متطلبات الشركات العالمية العاملة في الحقول.
وبينما تتصاعد الدعوات البرلمانية لزيادة نسبة العمالة العراقية في القطاع النفطي، يترقب الشارع إجراءات حكومية فعلية تترجم هذه المطالب إلى واقع ملموس، في وقت لم تعد فيه أزمة البطالة مجرد ملف اقتصادي، بل تحولت إلى عامل رئيسي في الاحتقان الاجتماعي والاضطرابات السياسية التي يشهدها العراق بين الحين والآخر.