
لكن يبقى السؤال الأهم: من أين تم تمويل هذه الاستيرادات الضخمة من الذهب؟ هل جرى تغطيتها بالكامل من خلال تحويلات البنك المركزي العراقي؟ وإذا كان الأمر كذلك، بالرغم من النظام الرقابي الذي طبق منذ عام 2023 – والذي حدّ من قدرة عشرات المصارف العراقية على إجراء التحويلات الخارجية وركز المراقبة على البنوك المتبقية وبالتالي ان تكون المراقبة اشد على عمليات تمويل التجارة، أم أن شراء الذهب تم بتمويل خارج المنظومة المصرفية العراقية؟ وإذا صح هذا الاحتمال، فما هو مصدر هذه الأموال ولماذا استُخدمت لشراء الذهب وتصديره إلى العراق؟.
ويوضح العبيدي، ان البيانات الخاصة بالربع الأول من عام 2025 تشير بالفعل إلى انخفاض حاد في صادرات الذهب الإماراتية إلى العراق بنسبة 52% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، لكن تبقى أسباب القفزة الكبيرة في 2024 ثم التراجع في 2025 غير واضحة، وهو ما يستدعي وقفة جادة. فحقيقة أن أكثر من 12% من إجمالي استيرادات العراق الكلية تذهب لتغطية استيراد الذهب أمر يتطلب متابعة دقيقة، تبدأ من معرفة مصادر تمويل هذه السلعة مرورًا بقنوات نقلها والمنافذ التي دخلت منها إلى البلاد وانتهاءً بهوية المستوردين وأوجه استخدام هذا الذهب.
ومن الضروري اليوم أن تتجه السياسات الاقتصادية نحو أتمتة قطاع الذهب بالكامل بمختلف حلقاته، وأن يمنع التعامل فيه إلا عبر قنوات الدفع الإلكتروني المراقبة، بما يتيح تتبع حركة البيع والشراء ومعرفة المستفيد النهائي من هذه الكميات الكبيرة. فالهدف ليس فقط تغطية حاجة العراق الحقيقية من الذهب، وإنما أيضًا منع استخدامه في أغراض قد تضر بالاقتصاد الوطني وتضعف الثقة بالنظام المصرفي العراقي، وفقا للعبيدي.